القص واللصق- خطيئة معرفية أم ميراث ثقافي قديم؟
المؤلف: عبده خال11.12.2025

في الآونة الأخيرة، شاع استخدام مصطلح "(القص واللصق)" كاتهام يُوجه إلى من يقوم بنقل مواد معرفية دون التحقق من صحة المعلومات المنقولة.
ودفاعاً عن الذين يمارسون هذا الفعل، أود التأكيد على أن هذه الممارسة ليست وليدة العصر الحديث، بل هي تقليد ثقافي عريق. ففي الماضي، عندما كانت الكتب تُؤلف، كانت النسخة الأصلية للكتاب الأم بمثابة كنز ثمين يُستلب من قبل المؤلفين اللاحقين. ومن يمعن النظر في ثنايا الكتب القديمة، التي يُطلق عليها "أمهات الكتب"، يجد أن بعضها منسوخ حرفياً دون الإشارة إلى أن النص مقتبس من كتاب آخر سبقه بسنة أو بمئات السنين، وهو ما يمكن اعتباره عملية (قص ولصق) مبكرة.
وهؤلاء المؤلفون "اللاصقون" لم يكونوا عرضة للوم والتوبيخ، بل كان يُنظر إلى فعلهم على أنه رغبة نبيلة في نشر المعرفة وتعميم الفائدة من خلال إعادة إنتاج الكتاب المنسوخ.
يكمن الإشكال الجوهري في ممارسة (القص واللصق) في أمهات الكتب في أنها تعيد تداول المعرفة بأخطائها وعيوبها، دون تمحيص أو تدقيق في صحة المعلومات. وقد أدى هذا الفعل إلى تراكم هائل من الأخطاء التي بات من الصعب إزالتها وتصحيحها. وأصبحت مقولة "خطأ شائع خير من صواب مهجور" هي القاعدة التي نعتمدها في تعاملنا مع المعرفة.
دعونا نتوقف للحظة. أسمع أحدكم يتساءل:
- ما الذي دفعك إلى هذا الحديث؟
حسناً، سأشرح لكم سبب هذا الاستطراد: أنا من عشاق متابعة الأعمال الدرامية التاريخية. وفي كل مسلسل تاريخي أشاهده، ألاحظ أن الأخطاء الشائعة تتكرر على الشاشة بنفس الطريقة التي تتكرر بها في كتب (القص واللصق). ومؤخراً، شاهدت مسلسلاً تاريخياً (30 حلقة) يتصدر أسماء المستشارين في كل حلقة (وهم شخصيات مرموقة تحمل شهادات عليا بصفتهم مجيزين وموافقين على صحة ما ورد في المسلسل). ومع ذلك، في كل حلقة، كنت أُصدم بمعلومات يتم تداولها على أنها حقائق تاريخية، بينما هي في الواقع لا تمتلك أي مصداقية تاريخية، أو أنها خضعت للمراجعة في السنوات الأخيرة وتم دحضها. ولكن الخطأ الشائع هو السائد، ويبدو أن المسلسل ومستشاريه غير راغبين في إزالة ما ترسخ في أذهان الناس على أنه الحقيقة التاريخية المطلقة.
لذا، لا ينبغي لوم جيل (القص واللصق)، فإزالة التراكمات الهائلة من الأخطاء التاريخية عملية غير مجدية. والحل الأمثل هو التعامل مع كل هذه الأخطاء على أنها غير صحيحة، مع التسليم بأن هذه الأخطاء هي التي تشكل الذاكرة الجمعية. فلا تحاول أن تنصب نفسك معلماً مهمته تصحيح دفاتر طلاب يتميزون جميعاً بمهارة (القص واللصق) بامتياز.
ما زلت أسمع أحدكم يقول:
- لا تضيق واسعاً..
فعلاً، لا داعي لتضييق الواسع.
ودفاعاً عن الذين يمارسون هذا الفعل، أود التأكيد على أن هذه الممارسة ليست وليدة العصر الحديث، بل هي تقليد ثقافي عريق. ففي الماضي، عندما كانت الكتب تُؤلف، كانت النسخة الأصلية للكتاب الأم بمثابة كنز ثمين يُستلب من قبل المؤلفين اللاحقين. ومن يمعن النظر في ثنايا الكتب القديمة، التي يُطلق عليها "أمهات الكتب"، يجد أن بعضها منسوخ حرفياً دون الإشارة إلى أن النص مقتبس من كتاب آخر سبقه بسنة أو بمئات السنين، وهو ما يمكن اعتباره عملية (قص ولصق) مبكرة.
وهؤلاء المؤلفون "اللاصقون" لم يكونوا عرضة للوم والتوبيخ، بل كان يُنظر إلى فعلهم على أنه رغبة نبيلة في نشر المعرفة وتعميم الفائدة من خلال إعادة إنتاج الكتاب المنسوخ.
يكمن الإشكال الجوهري في ممارسة (القص واللصق) في أمهات الكتب في أنها تعيد تداول المعرفة بأخطائها وعيوبها، دون تمحيص أو تدقيق في صحة المعلومات. وقد أدى هذا الفعل إلى تراكم هائل من الأخطاء التي بات من الصعب إزالتها وتصحيحها. وأصبحت مقولة "خطأ شائع خير من صواب مهجور" هي القاعدة التي نعتمدها في تعاملنا مع المعرفة.
دعونا نتوقف للحظة. أسمع أحدكم يتساءل:
- ما الذي دفعك إلى هذا الحديث؟
حسناً، سأشرح لكم سبب هذا الاستطراد: أنا من عشاق متابعة الأعمال الدرامية التاريخية. وفي كل مسلسل تاريخي أشاهده، ألاحظ أن الأخطاء الشائعة تتكرر على الشاشة بنفس الطريقة التي تتكرر بها في كتب (القص واللصق). ومؤخراً، شاهدت مسلسلاً تاريخياً (30 حلقة) يتصدر أسماء المستشارين في كل حلقة (وهم شخصيات مرموقة تحمل شهادات عليا بصفتهم مجيزين وموافقين على صحة ما ورد في المسلسل). ومع ذلك، في كل حلقة، كنت أُصدم بمعلومات يتم تداولها على أنها حقائق تاريخية، بينما هي في الواقع لا تمتلك أي مصداقية تاريخية، أو أنها خضعت للمراجعة في السنوات الأخيرة وتم دحضها. ولكن الخطأ الشائع هو السائد، ويبدو أن المسلسل ومستشاريه غير راغبين في إزالة ما ترسخ في أذهان الناس على أنه الحقيقة التاريخية المطلقة.
لذا، لا ينبغي لوم جيل (القص واللصق)، فإزالة التراكمات الهائلة من الأخطاء التاريخية عملية غير مجدية. والحل الأمثل هو التعامل مع كل هذه الأخطاء على أنها غير صحيحة، مع التسليم بأن هذه الأخطاء هي التي تشكل الذاكرة الجمعية. فلا تحاول أن تنصب نفسك معلماً مهمته تصحيح دفاتر طلاب يتميزون جميعاً بمهارة (القص واللصق) بامتياز.
ما زلت أسمع أحدكم يقول:
- لا تضيق واسعاً..
فعلاً، لا داعي لتضييق الواسع.
